الاثنين، 4 يوليو 2011

ضياء الشمس ونور القمر

فرق الله سبحانه وتعالى العزيز الحكيم بالآية الكريمة ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا ) بين أشعة الشمس والقمر فسمى الأولى ضياء والثانية نورا
وإذا فكرنا في استشارة قاموس عصري لما وجدنا جوابا شافيا للفرق بين الضوء الذي هو أصل الضياء والنور ولوجدنا أن تعريف الضوء هو النور الذي تدرك به حاسة البصر المواد
وإذا بحثنا عن معنى النور لوجدنا أن النور أصله من نار ينور نورا أي أضاء فأكثر القواميس لا تفرق بين الضوء والنور بل تعتبرهما مرادفين لمعنى واحد ولكن الخالق سبحانه وتعالى فرق بينهما فهل يوجد سبب علمي لذلك ؟

دعنا نستعرض بعض الآيات الأخرى التي تذكر أشعة الشمس والقمر فمثلا في الآيتين التاليتين ( وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ) ( وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا . وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ) نجد أن الله سبحانه وتعالى شبه الشمس مرة بالسراج وأخرى بالسراج الوهاج والسراج هو المصباح الذي يضيء إما بالزيت أو بالكهرباء أما أشعة القمر فقد أعاد الخالق تسميتها بالنور وإذا نحن تذكرنا بهذا الصدد معلوماتنا بالفيزياء المدرسية لوجدنا أن مصادر الضوء تقسم عادة لنوعين
مصادر مباشرة كالشمس والنجوم والمصباح والشمعة وغيرها ومصادر غير مباشرة كالقمر والكواكب والأخيرة هي الأجسام التي تستمد نورها من مصدر آخر مثل الشمس وتعكسه علينا
أما الشمس والمصباح فهما يشتركان بخاصية واحدة وهي أنهما يعتبران مصدرا مباشرا للضوء ولذلك شبه الخالق الشمس بالمصباح الوهاج ولم يشبه القمر بأي من الآيات بمصباح
كذلك سمي ما تصدره الشمس من أشعة ضوءا أما القمر فلا يشترك معهما بهذه الصفة فالقمر مصدر غير مباشر للضوء فهو يعكس ضوء الشمس إلينا فنراه ونرى أشعته التي سماها العليم الحكيم نورا

ومن العجيب حقا أننا لم نستوعب هذه الدقة الإلهية في التفرقة بين ضوء الشمس ونور القمر فكان المفروض أن نفرق بين الضوء والنور ونسمى الآشعة التي تأتي من مصدر ضوئي مباشر بالضوء وتلك التي تأتي من مصدر ضوئي غير مباشر بالنور ولكنا خلطنا لغويا بين الضوء والنور واقتصرنا في العلوم على استخدام كلمة الضوء ونسينا مرادفها وهو النور

والسبب واضح ففي الإنجليزية والفرنسية بل والألمانية وهي اللغات التي جاءت عن طريقها العلوم الحديثة لا يوجد إلا مرادف واحد لهذا المعنى وهو بالترتيب Light-Lumiere-Licht   ولم يخطر ببالنا أو ببال المترجمين أن اللغة العربية أغـنى منهم وأدق فـفيها مرادفين لهذه الكلمة يجب أن نفرق بينهما تبعا لنوعية مصدر الضوء سواءً أكان مباشراً أو غير مباشر

فيلما سينمائيا أعدته شركة أمريكية عن الجهود الأمريكية لغزو القمر - وعنوان هذا الفيلم " خطوة عملاقة لاكتشاف جيولوجيا القمر " ومن أول الفيلم إلى آخره يعرض كيف تمكن العلماء الأمريكان من أن يكتشفوا أن القمر كان مشتعلا من قبل , وأنه كان كتلة مشتعلة ثم بردت , وكيف دللوا على ذلك بأن أرسلوا أجهزة إلى القمر لقياس الموجات وأحدثوا موجات صوتية وتحركت الموجات في باطن القمر , وأن قلبه مازال مشتعلا حتى الآن وأخذوا عينات الصخور من باطنه ومن المرتفعات ومن الجبال والوديان التي بالقمر , وحللوا ودرسوا فوصلوا إلى نتيجة أن القمر كان يوما ما مشتعلا وأنه انطفأ فـقلت في نفسي أحسن ما يكون عـنوان لهذا قول الله سبحانه وتعالى أو هو تفسير قول الله ( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ) الإسراء : 13 قال علماء المسلمين منهم ابن عباس وغيره : آية الليل القمر وآية النهار الشمس أما ( فمحونا آية الليل ) فقال لقد كان القمر يضيء ثم محي ضوءه ( فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ) لذا يقول الله جل وعلا ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا ) لو كان هذا القرآن من عند محمد .. من عند بشر لقال وجعل فيها : سراجين . سراج بالنهار وسراج بالليل . سراج حار وسراج بارد , ومن يكذبه ؟ ولكنه من عند العليم الحكيم قال : وجعل فيها سراجا . أي الشمس وقمرا منيرا وذكر إنارة القمر بعد ذكر السراج يدل على أن القمر يستنير بنور السراج . فسبحان الله العظيم