الجمعة، 16 سبتمبر 2011

عرش بلقيس

قال الله تعالى ( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) قصة سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ وموضوع نقل العرش لم يكن إلا ضربا من ضروب السحر فكيف يتمكن مخلوق من إحضار عرش ملكة سبأ بذلك العصر من على بعد آلاف الكيلو مترات بجزء من ثانية أي قبل أن يرتد لسليمان عليه السلام طرفه ؟

ولكن العلم الحديث يخبرنا بأن هذا لا يتحتم أن يكون سحرا فحدوثه ممكن من الناحية العلمية أو على الأقل من الناحية النظرية بالنسبة لمقدرتنا في القرن العشرين وكيف يحدث ذلك فهذا هو موضوعـنا الطاقة والمادة صورتان مختلفتان لشيءٍ واحد فالمادة يمكن أن تتحول لطاقة والطاقة لمادة وذلك حسب المعادلة المشهورة وقد نجح الإنسان بتحويل المادة إلى طاقة وذلك في المفاعلات الذرية التي تولد لنا الكهرباء ولو أن تحكمه في هذا التحويل لا يزال يمر بأدوار تحسين وتطوير

نجح الإنسان ولو بدرجة أقل بكثير من تحويل الطاقة لمادة وذلك بمعجلات الجسيمات Particle accelerator  ولو أن ذلك مازال يتم حتى الآن على مستوى الجسيمات
فتحول المادة لطاقة والطاقة إلى مادة أمر ممكن علميا وعمليا فالمادة والطاقة قرينان ولا يعطل حدوث التحول على نطاق واسع إلا صعوبة حدوثه والتحكم تحت الظروف والإمكانيات العلمية والعملية الحالية ولا شك أن التوصل للطرق العلمية والوسائل العملية المناسبة لتحويل الطاقة لمادة والمادة لطاقة
بسهولة ويسر يستدعي تقدما علميا وفنيا هائلين

فمستوى مقدرتنا العلمية والعملية حاليا بهذا الصدد ليس إلا كمستوى طفل يتعلم القرأة فإذا تمكن الإنسان بيوم من الأيام من التحويل السهل الميسور بين المادة والطاقة فسوف ينتج عن ذلك تغيرات جذرية بل وثورات ضخمة بنمط الحياة اليومي وأحد الأسباب أن الطاقة ممكن إرسالها بسرعة الضوء على موجات ميكرونية إلى أي مكان نريد ونعود فنحولها لمادة وبذلك نستطيع أن نرسل أي جهاز أو حتى منزلا بأكمله إلى أي بقعة نختارها على الأرض أو حتى على القمر أو المريخ في خلال ثوان أو دقائق معدودة

والصعوبة الأساسية التي يراها الفيزيائيون لتحقيق هذا الحلم هي بترتيب جزئيات أو ذرات المادة في الصورة الأصلية تماما كل ذرة في مكانها الأول الذي شغلته قبل تحويلها لطاقة لتقوم بوظيفتها الأصلية وهناك صعوبة أخرى هامة يعاني منها العلم الآن وهي كفاءة والتقاط الموجات الكهرومغناطيسية الحالية والتي لاتزيد على 60% وذلك لتبدد أكثرها بالجو كل هذا كان عرضا سريعا لموقف العلم وإمكانياته الحالية بتحويل المادة لطاقة والعكس

ونعود لموضوع نقل عرش الملكة بلقيس فالتفسير المنطقي لما قام به الذي عنده علم من الكتاب سواء أكان انسي أو جني أنه قام أولا بتحويل عرش ملكة سبأ لنوع من الطاقة ليس من الضروري أن يكون بصورة طاقة حرارية مثل الطاقة التي نحصل عليها من المفاعلات الذرية الحالية ذات الكفاءة المنخفضة ولكن طاقة تشبه الطاقة الكهربائية أو الضوئية يمكن إرسالها بواسطة الموجات الكهرومغناطيسية والخطوة الثانية هي أنه قام بإرسال هذه الطاقة من سبأ إلى ملك سليمان ولأن سرعة انتشار الموجات الكهرومغناطيسية هي نفس سرعة انتشار الضوء أي 300000 كم  ثانية فزمن وصولها عند سليمان ثلاثة آلاف كيلوا مترا والخطوة الثالثة والأخيرة أنه حول هذه الطاقة عند وصولها إلى مادة مرة أخرى بنفس الصورة التي كانت عليها أي أن كل جزئ وكل ذرة رجعت لمكانها الأول إن إنسان القرن العشرين ليعجز عن القيام بما قام به هذا الذي عنده علم من الكتاب منذ أكثر من ألفي عام فمقدرة الإنسان الحالي لا تتعدى محاولة تفسير فهم ما حدث فما نجح فيه إنسان القرن العشرين بتحويل جزء من مادة العناصر الثقيلة مثل اليورانيوم لطاقة بواسطة الانشطار في ذرات هذه العناصر أما التفاعلات النووية الأخرى التي تتم بتلاحم ذرات العناصر الخفيفة مثل الهيدروجين والهليوم والتي تولد طاقات الشمس والنجوم فلم يستطع الإنسان حتى الآن التحكم فيها وحتى إذا نجح الإنسان في التحكم في طاقة التلاحم الذري لا تزال الطاقة المتولدة في صورة بدائية يصعب إرسالها مسافات طويلة بدون تبديد الشطر الأكبر منها فتحويل المادة لموجات ميكرونية يتم حاليا بالطريقة البشرية بصورة بدائية تستلزم تحويل المادة لطاقة حرارية ولطاقة ميكانيكية ولطاقة كهربائية وأخيرا إرسالها على موجات ميكرونية 
لهذا السبب نجد أن الشطر الأكبر من المادة التي بدأنا بها تبددت خلال هذه التحويلات ولا يبقى إلا جزء صغير نستطيع إرساله عن طريق الموجات الميكرونية فكفاءة تحويل المادة لطاقة حرارية ثم إلى طاقة ميكانية ثم إلى طاقة كهربائية لن يزيد عن عشرين في المائة 20 % حتى إذا تجاوزنا عن الضعف التكنولوجي الحالي بتحويل اليورانيوم لطاقة فالذي يتحول لطاقة جزء صغير من كتلة اليورانيوم أما الشطر الأكبر فيظل بالوقود النووي يشع طاقته على مدى آلاف وملايين السنيين متحولا لعناصر أخرى تنتهي بالرصاص وليس هذا بمنتهى القصد ففي الطرف الأخر يجب التقاط وتجميع هذه الموجات وإعادة تحويلها لطاقة وإلى مادة كل جزئ وكل ذرة وكل جسيم لنفس المكان الأصلي وكفاءة تجميع هذه الأشعة الآن وتحويلها لطاقة كهربائية بنفس الصورة التي أرسلت بها قد لا تزيد عن 50 %

أي أنه ما تبقى من المادة الأصلية حتى الآن بعد تحويلها من مادة إلى طاقة وإرسالها عن طريق الموجات الكهرومغناطيسية المكرونية واستقبالها وتحويلها مرة أخرى لطاقة هو 10 % وذلك قبل أن نقوم بالخطوة النهائية وهي تحويل هذه الطاقة لمادة وهذه الخطوة الأخيرة أي تحويل هذه الطاقة لمادة في صورتها الأولى هو ما يعجز عنه حتى الآن إنسان القرن العشرين ولذلك فنحن لا ندري كفاءة إتمام هذه الخطوة الأخيرة وإذا فرضنا أنه تحت أفضل الظروف تمكن الإنسان من تحويل 50 % من هذه الطاقة المتبقية لمادة فالذي سوف نحصل عليه هو أقل من 5% من المادة التي بدأنا بها

معنى ذلك أننا إذا بدأنا بعرش الملكة بلقيس وحولناه بطريقة ما إلى طاقة وأرسلنا هذه الطاقة على موجات ميكرونية واستقبلنا هذه الموجات وحولناها لطاقة مرة أخرى أو لمادة فلن نجد لدينا أكثر من 5% من عرش الملكة بلقيس وأما الباقي فقد تبدد خلال هذه التحويلات العديدة نظرا للكفاءات الرديئة لهذه العمليات وهذه الــ 5% من المادة الأصلية لن تكفي لبناء جزء صغير من عرشها مثل رجل أو يد كرسي عرش الملكة

الآيات القرأنية لا تحدد شخصية الذي كان ( عنده علم من الكتاب ) هل كان انسيا أم جنيا وذكر بكثير من التفاسير أن الذي قام بنقل عرش بلقيس هو من الإنس ويدعى آصف بن برخيا فاحتمال وجود إنسان بهذا العصر على هذه الدرجة الرفيعة من العلم والمعرفة هو إحتمال جد ضئيل فقد نجح هذا الجني في تحويل عرش بلقيس إلى طاقة ثم إرساله مسافة آلاف الكيلو مترات وإعادة تحويله لصورته الأصلية من مادة تماما كما كان في أقل من ثانية أو حتى في عدة ثوان إذا اعتبرنا عرض الجني الأول الذي أبدى استعداده لإحضار العرش قبل أن يقوم سليمان عليه السلام من كرسية فمستوى معرفة وقدرة أي من الجنيين الأول والثاني منذ نيف وألفي عام لأرفع بكثير من مستوى المعرفة والقدرة الفنية والعلمية التي وصل إليها إنسان القرن العشرين